هذا أوّل كتاب تمّ تأليفه في علم البديع، وهو من تأليف عبد الله بن المعتزّ الخليفة العباسي الذي تولّى الخلافة لمدة يوم وليلة فقط!.
أوّلاً؛
يُقدّم الناشرون والمحقّقون هذا الكتاب على أنه أساسي في البديع، ولكن حين
نقرؤه نجده يتحدث في أوّل باب عن الاستعارة. ولكي يستدلّ على ما قرّره في
هذا العنوان الفرعي يورد آيات من قبيل؛ "واخفض لهما جناح الذل من
الرحمة/اشتعل الرأس شيباً/عذاب يوم عقيم/أمّ الكتاب..". والسؤال المطروح؛
أين البديع في هذه الآيات؟.
وما علاقة الاستعارة بالبديع أصلاً؟. الاستعارة تدخل في علم البيان إلى جانب المجاز والكناية وغيرها.
ثانياً؛
في الباب الثاني نجد عنوان "التجنيس". نعم، التجنيس أو الجناس فنّ من فنون
البديع، وكذلك ما جاء في الباب الثالث مما سماه المطابقة أو الطباق، لكن
المشكلة أننا لا نكاد نجد للمؤلف بصمة اجتهاد في الشرح ولا في التوضيح،
فهو يكتفي بخطّ العناوين وإيراد الآيات والأبيات التي يرى في مضامينها ما
يستدلّ به على ما قرّره في تلك العناوين.
ثالثاً؛ في الصفحة 72 يقول
بأنّه قد انتهى من أبواب البديع الخمسة، والتي هي في الواقع أربعة فقط،
لأنّ الاستعارة كما قلنا تدخل في البيان وليس في البديع. ثم يقول في نفس
الصفحة: "وما جمع فنون البديع ولا سبقني إليه أحد وألفته سنة أربع وسبعين
ومأتين". هذه العبارة جعلتني أشكّ في نسبة هذا الكتاب إلى ابن المعتزّ
أصلاً!.
وبعد ذلك يستأنف عرض المزيد مما سمّاه محسّنات الشعر والكلام،
ويذكر مثلاً "التورية"، ولا أفهم لماذا لم يجعلها باباً سادساً من أبواب
البديع التي أعلن عن اكتشافها؟. ولماذا استهلّ كتابه بالحديث عن الاستعارة
التي ليست بديعاً بدل أن يبدأ بالحديث عن التورية التي تدخل في علم
البديع؟. كيف يقرّر ناشرون أو محققون بأنّ ابن المعتزّ هذا اكتشف 18 فنّاً
من فنون البديع وهو يقول خمسة فقط؟.
الخلاصة أنّ هذا الكتاب، وإن كان
الأوّل في البديع، لا أراه ذا فائدة كبيرة، بل ربما يسبّب خلطاً والتباساً
لدى القارئ بسبب ما يحيط به من التدليس وما يحتويه من الفوضى، والله أعلم.
السبت، 14 أكتوبر 2023
ما قيمة كتاب "البديع" لابن المعتزّ؟
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق