الجمعة، 20 مايو 2011

أنواع الفضاءات السينوغرافية في المسرح المغاربي



بقلم: الناقد المغاربي د. جميل حمداوي

jamilhamdaoui@yahoo.fr
توطئــــة:

من المعلوم أن السينوغرافيا علم وفن يهتم بتأثيث الخشبة الركحية،ويعنى أيضا بهندسة الفضاء المسرحي ، وذلك من خلال توفير هرمونية وانسجام متآلف بين ما هو سمعي وبصري وحركي. ومن ثم، تحيل السينوغرافيا على ماهو سينمائي بصري ومشهدي، من جسد، وديكور، وإكسسوارات، وماكياج، وأزياء ، وتشكيل، وصوت، وإضاءة. وبالتالي، تعتمد السينوغرافيا على عدة علوم وفنون متداخلة، كفن التشكيل، وفن الماكياج، والخياطة، والنجارة، والحدادة، والموسيقى، والكهرباء، والفوتوغرافيا، والتمثيل . ويعني هذا أن السينوغرافيا فن شامل ومركب يقوم بدور هام في إثراء الخشبة ، وإغناء العرض المسرحي، والسعي من أجل تحقيق نجاحه، وإبهار المتفرج.
هذا، ولقد وظف المسرح المغاربي مجموعة من الأفضية السينوغرافية المتنوعة شكلا ودلالة ورؤية، ومن بين هذه الفضاءات السينوغرافية يمكن الحديث عن هذه الأشكال الفضائية التالية:

المبحث الأول: السينوغرافــيا الواقعيــــة.

قدمت جمعية الجدار الرابع للمسرح والفنون الجميلة بالمركب الثقافي بالناظور(المغرب) يوم الجمعة 23 ماي 2008م ضمن المهرجان الثقافي والفني لجمعية التربية والتنمية عرضا مسرحيا اجتماعيا تحت عنوان”سلطانـــة”، وذلك من تأليف: سعد الله عبد المجيد، وإخراج: حميد الرضواني. أما السينوغرافيا المشهدية، فقد تكلف بها رشيد بنسليمان ، في حين اهتم عادل بنكرينة بالتقنيات المسرحية .
هذا، يعتبر عرض ” سلطانة” عرضا مسرحيا اجتماعيا يناقش مجموعة من الظواهر الاجتماعية، كالاستغلال، والخيانة الزوجية، وانحطاط القيم الأخلاقية، ويعتمد أيضا على السينوغرافيا الواقعية البسيطة التي توهم بصدق الواقع، وصحة المرجع المحاكى. كما تتسم بالخلل التركيبي على مستوى تفكيك المشاهد المسرحية وتركيبها، وتعاني كذلك من الملل والروتين الناتجين عن استبدال الديكور والأثاث، وذلك بسبب توظيف تقنية فلاش باك، وذلك بطريقة مخلة أثرت على إخراج المسرحية بشكل سلبي.
هذا، وتنتمي المسرحية أيضا إلى الاتجاه الواقعي الاجتماعي، وذلك من خلال التركيز على موضوع تربوي ذي حساسية واقعية واجتماعية، كما صاغ المخرج مسرحيته في قالب كلاسيكي، وذلك من خلال احترام الوحدات الثلاث: وحدة الحدث، ووحدة الزمان، ووحدة المكان.
أما فيما يتعلق بالفضاء المسرحي، فقد قسم المخرج خشبة الركح إلى ثلاثة أقسام رئيسة: جهة اليمين للوسط ، فقد خصصها لغرفة تحوي الفتى المشاكس والجد الهرم على حد سواء ، وجهة اليسار للوسط، فقد خصصها للطاولات والكراسي، بينما الجهة الوسطى المركزية، فقد جعلها المخرج حلبة للصراع الدرامي والتواصل الركحي، والتحرك بحرية على الخشبة، وإن كانت خشبة المركب الثقافي بالناظور ضيقة من حيث العرض، وطويلة من حيث الطول. لذلك، أثر ذلك سلبا على موقعة الديكور، وتنظيم التأثيث والتحكم في السينوغرافيا. كما كان المخرج يستعمل الإضاءة لتقسيم متواليات التمثيل الميزانسيني، وتبئير الفضاءات المشهدية تناوبا وتركيزا.

المبحث الثاني: السينــــوغرافيا الطبيعيـــة.
قدم مسرح مناجم جرادة يوم 12 أبريل 2008م بالمركب الثقافي بالناظور (المغرب) مسرحية تندرج ضمن الكوميك الصادم تحت عنوان “الإمبراطور”. والمسرحية – كما هو معلوم – من تأليف الكاتب الإسپاني فرناندو أرابال،والذي ألفها سنة 1966م تحت عنوان”المعماري وإمبراطور آشور”. وقد اقتبس المسرحية عن اللغة الإسپانية إدريس الشليحي، وشخصها كل من حفيظ موساوي وإدريس الشليحي، بينما تولى حفيظ موساوي إخراج العمل، وإدارة الممثل، في حين تكلف لخضر مجدوبي بسينوغرافيا الخشبة. أما الملابس فكانت من اختصاص عيادة موساوي، في حين كانت الإضاءة المسرحية ليحيى هورير، بينما المؤثرات الصوتية اقترنت بأحمد بوعقلين.
وما يجذب المتفرج في هذه المسرحية هي السينوغرافيا الطبيعية المقفرة الجدباء التي استخدمها لخضر مجذوبي، حيث أثث الخشبة تأثيثا جيدا، معتمدا في ذلك على الدقة التاريخية في تصوير الأجواء المقفرة للإنسان البدائي ، وذلك من خلال استخدام إكسسوار الرمح، واستعمال الملابس الوبرية الحيوانية الصوفية، وتصميم كوخ قصبي وبري بالطريقة البدائية. كما التجأ السينوغرافي إلى الاقتصاد في الديكور، وتكثيف الدلالات الموحية، وتشغيل الإكسسوارت الوظيفية.
لكننا نلاحظ مفارقة غريبة تتمثل في تداخل الماضي والحاضر، وتقاطع البدائية الأسطورية مع المدنية المتطورة ، وذلك عبر استخدام الأسلحة الفتاكة والقنابل الذرية والرشاشات، إلى جانب استخدام الرمح والكوخ، كما تحضر الحداثة بواسطة استخدام الألبسة المعاصرة، ودولاب الثياب، وأنواع الشعر الملون، ولا نفهم من توظيف رموز هذه المفارقة إلا رغبة الكاتب في إسقاط الماضي على الحاضر، والعكس صحيح أيضا.

المبحث الثالث: السينوغرافيا الباروكية.

عرضت فرقة مسرح تمارة (المغرب) مسرحية ” الرصيف” ، وهي من إخراج وسينوغرافية هشام معروف ، واقتباس حاكم القباب، وتأليف: سعد الله ونوس ، والذي كتب النص تحت عنوان” جثة على الرصيف” .
مايميز هذا العرض المسرحي على المستوى الفني والجمالي هو الديكور المترف، وتوظيف السينوغرافيا الواقعية الباروكية الأنيقة الجميلة التي تتمثل في باب ﭭيلا جميلة مترفة تعبر عن وضعية طبقة اجتماعية متبرجزة. وقد استطاعت هذه الباب سيميائيا أن تعكس لنا مضمون المسرحية بشكل جيد ووظيفي. كما عبرت أزياء الممثلين بدقة عن الشخصيات، كأزياء الحاج الأنيقة التي تبين طبقته الاجتماعية المتبرجزة، ولباس المخزن التي تحدد هوية الشرطي الذي لايعرف سوى لغة القمع والقهر، وذلك بعصاه الغليظة التي أودت بحياة المشرد في آخر المسرحية، وأزياء المشرد الرثة التي أقنعتنا بتشرده وانبطاحه وضياعه في دروب المجتمع المنهار وأزقته التائهة.
كما نلاحظ هذه السينوغرافيا الباروكية بشكل من الأشكال في مسرحية”طارطوف” ، والتي قدمها مسرح قسنطينة الجهوي ضمن المهرجان الوطني للمسرح المحترف بالجزائر العاصمة في دورته الخامسة في شهر ماي من سنة 2010م .

المبحث الرابع: السينوغرافيا الشاعريــــة.

تمتاز مسرحيات المخرج التونسي محمد كوكة ، ولاسيما مسرحية”مدرسة النساء” ومسرحية” عندما يأتي المساء”، بسينوغرافيا شاعرية إيحائية تشكيلية. ومن ثم، فقد استطاع محمد كوكة ، وذلك حسب الدكتور محمد عبازه، أن :” يمتعنا بلوحات تشكيلية غاية في الشاعرية والإيحاء، وجعلنا نحس وكأن هذه اللوحات التي تتابعت على الركح كانت لها وظيفتان، واحدة جمالية شكلية، والثانية مرجعية تأصيلية للأحداث والشخصيات، فهي تعني وتشير إلى دخائل الأشياء والكائنات، وتطبع إيقاع الحركات والإيحاءات وتتالي الأحداث…
كان الديكور يوحي بالمتاهات بسبب تركيبته من خلال الأروقة ومن خلال تنقلاته المستمرة ومن خلال عظمته التي توحي بالحصار والإيمان بعدم القدرة على الاختراق والتجاوز والركون على التقوقع.إن الإضاءة التي تركزت على اللون الأزرق زادت من تكريس الثنائية التي لاحظناها منذ بداية العرض(عنف- سكون- تمرد- خضوع- ثورة- تسليم- عقم- خصوبة- حياة، وهكذا دواليك.”
ومن هنا، فمحمد كوكة قد نجح أيما نجاح في تقديم فرجة مسرحية ممتعة يتقاطع فيها الدرامي مع الشاعري، وذلك في بوتقة فنية وجمالية واحدة.

المبحث الخامس: السينوغرافيـــا الفارغـــة.

تستند السينوغرافية الفارغة إلى تحويل الخشبة الدراماتورجية إلى مساحة فارغة أو بيضاء على مستوى التأثيث والتجهيز. وقد تؤشر هذه الصورة على مرحلة ما قبل الشروع في العمل المسرحي، لتعرف الخشبة فعل الامتلاء والشحن وفعل التمسرح. والفضاء الفارغ كما عند منظره بيتر بروك P.PROOK ، هو بكل بساطة، ذلك الفضاء الذي يخلو من الديكور والأثاث ، فالفضاء الفارغ يتناقض مع الفضاء المشهدي الواقعي الممتلئ أو الفضاء الركحي الباروكي الذي يقدم تصورات مسبقة للجمهور حول أحداث المسرحية، ويوحي بأجوائها بشكل مسبق. فالسينوغرافيا الفارغة هي التي تستعين بالفراغ لوظائف دلالية وسيميائية. لكن يلاحظ أن الفراغ هنا ليس بمعناه الحرفي، بل بمعناه الدلالي والمجازي، حيث يثير حيرة الراصد، فيقلقه فنيا وجماليا، ثم يثير خياله الافتراضي، ثم يستفزه ذهنيا ووجدانيا وحركيا ، ثم يحرك مخيلته ليترك له الحرية لملئه بدلالاته وقراءاته الاستنتاجية. ويستلزم الفضاء الفارغ قدرات الممثل الهائلة وكفاءاته الذاتية على التمثيل والتشخيص.
هذا، ومن أهم النماذج المسرحية التي تشخص هذا النوع من السينوغرافيا، نستحضر مسرحية:” شهرزار” لمخرجها مولاي الحسن الإدريسي، ومعدة عن مسرحية ” حكايا الملوك” لممدوح عدوان، وقد قدمتها فرقة جمعية الشعاع بتارودانت(المغرب) سنة 1993م. ويحضر في المسرحية التأثيث الفارغ، حيث تبدأ المسرحية بتقديم فضاء ميزانسيني فارغ، ضمن إضاءة خافتة معتمة، لتمتلئ الخشبة بأجساد الممثلين وكتلهم المستلقية على سطح الركح. ” لقد اختار العرض بإصرار – كما يقول عبد المجيد شاكر- أن يشتغل على الفراغ، ويؤثث فضاءه انطلاقا منه، ويجعله، بالتالي، حاملا لأفعال دلالية وسيميائية. إن الاشتغال على الفراغ في المسرحية يؤشر على نوع من العودة إلى الأصل، ومعانقة المطلق، طبيعيا ومسرحيا. فعلى المستوى الطبيعي، نلاحظ أن تمدد الممثلين في الفراغ فوق أرضية الخشبة يحيل إلى معانقة الأرض والالتصاق بالرحم الأول. ويمكن تبرير ذلك بوجود جوقة من الممثلين وبوجود الطين الذي يغمر وجوههم وملابسهم وسرعان ما يتأكد هذا الأصل الطبيعي الذي ترمي الأجساد معانقته والالتحام به انطلاقا من أول حوار للجوقة…
وعبر ثنائية المطلق والجوقة، يبدو الفراغ، بوصفه خاصية جمالية في التأثيث الفضائي لعرض” شهرزار”، عنصرا ممتدا يتماوج مع اللحظات الدرامية في المسرحية، ويكتسب هذا الحضور الطاغي من كون المطلق في المسرحية يعني، في مايعنيه، الرحيل نحو عوالم غير ملموسة تحملنا إلى عوالم مجردة لاتجد تجلياتها وتمظهراتها إلا في المطلق والفراغ.”
وهكذا، يتبين لنا أن مسرحية” شهرزار” تتخذ سينوغرافيا فارغة ، وذلك للتعبير عن الرغبة في تمثل فلسفة الفراغ، والرجوع إلى الطبيعة ، والحنين إلى الجذور والأصل والمكان الحميمي.
المبحث السادس:السينوغرافيا التجريدية.

شارك نادي الوحدة للإبداع المسرحي بالرباط بمسرحية تجريدية عابثة وهي”أنا ﮔودو” للكاتب الروماني ماتيي فيزنيك، وإخراج عبد الغني كتاب. وإذا كان صمويل بيكيت لم يجد ﮔودو الذي كان ينتظره الممثلون على الركح المسرحي، فإن الكاتب الروماني ماتيي فيزنيك قد جسده في شخصية الممثل الدرامي الذي يقدم الفرجة للناس الحاضرين في الصالة.
هذا، وتشتغل المسرحية على أدبيات مسرح اللامعقول، كما لدى ألفرد جاري، ويونيسكو، وصمويل بيكيت، وأداموڤ، وفرناندو أرابال، والاستعانة بالميتامسرح، كما لدى لويجي پراندللو من خلال استحضار مسرحية” ست شخصيات تبحث عن مؤلف”. ويعني هذا أن المخرج يشغل فلسفة العبث، واللاجدوى، واللامبالاة، والغموض، والتسيب البشري، والفوضى الكونية العارمة. كما يفلسف المخرج دور المسرح في الحياة، ويسخر من قيمته داخل المجتمع الإنساني العابث الذي انحطت فيه القيم الأخلاقية، وتحطمت فيه كينونة الإنسان. ومن ثم، تطرح المسرحية أسئلة الوجود والعدم دراميا، وتسائل انتظارات غودو لدى بيكيت، فتطرح من جهة أخرى استفزازات فيزنيك.
وتتقاطع في المسرحية تصورات پيكيت وتصورات ماتيي فيزنيك، وذلك عبر تقاطعات أخرى، كالتقاطع الدلالي المفارق الذي يتجلى في ثنائية الحرية والعبودية، وثنائية الوجود والعدم، وثنائية القيم والاستهتار، وثنائية المسرح والحياة. كما تنقل لنا المسرحية صراع المؤلف مع الشخصية في إطار ما يسمى بالمسرح داخل المسرح، مع انتقاد الأقنعة البشرية، والسخرية من زيف الإنسان والذوات الآدمية المهترئة . وتتغنى المسرحية بالفراغ والعزلة والاغتراب الذاتي والمكاني ، وتتأسس أيضا على اللاتواصل، وانقطاع الحوار، وسيادة الصمت والفراغ، وتؤشر المسرحية كذلك على موت المسرح وجماليات الفن.
هذا، وتتسم سينوغرافيا العرض بكونها سينوغرافيا عابثة تجريدية، تتميز بالتشتت والتبعثر، وتقزيم الإنسان، وهيمنة الأشياء ، كما يطبعها الفراغ، وقلة الملفوظ الحواري، وكثرة الصمت، واستخدام الحوارات القصيرة التقريرية المباشرة، وكثرة نقط البياض الدالة على الصمت الساكن والعزلة القاتلة، وانعدام المعنى والتواصل البشري.
هذا، وقد التجأ المخرج إلى استعمال الأقنعة لتكسير الإيهام الأرسطي والطبيعي، ليتمسك بنظرية بريخت القائمة على اللااندماج والإبعاد المسرحي. ونلاحظ كذلك فضاء فارغا مؤثثا بالصراخات والأصوات المبهمة التي تعزف على نغمة العبث والموت واللاجدوى.
ومن هنا، نقول بأن مسرحية” أنا غودو” هي مسرحية عابثة من حيث الدلالة الرئيسة في العرض ، وقد صيغت بسينوغرافيا تجريدية قائمة على الفراغ والصمت، واستعمال تقنية المسرح داخل المسرح.

المبحث السابع: السينوغرافــيا الفانطاستيكيـــة.

من المعروف أن خطاب الفانطاستيك ينبني على ثنائية العجيب والغريب، ويستند إلى توظيف الأحداث الخارقة وغير الطبيعية وغير المألوفة، كما يركز على عنصر التحول من حالة بشرية إلى حالة حيوانية أو حالة جماد، والعكس صحيح أيضا.
ومن أهم المسرحيات والفرجات الدرامية التي اشتغلت على السينوغرافيا الفانطاستيكية، نذكر: ” مسرحية السحور عند اليهود والنصاري والمسلمين” للطيب الصديقي ، ومسرحية” فاوست والأميرة الصلعاء” لعبد الكريم برشيد ، ومرتجلة” شميسا للا” لمحمد الكغاط . ويعني هذا أن هذه المسرحيات يطغى عليها المكون الفانطاستيكي، وذلك من خلال تداخل السحر مع الشعوذة والتنجيم والفانطازيا. و” إذا كان الطيب الصديقي قد استثمر في مسرحية” السحور عند اليهود والنصارى والمسلمين” التراث الديني والفكر الخرافي لتعرية واقع السحر بالمغرب وبعض الأقطار العربية(لبنان)، فإن عبد الكريم برشيد قد وظف أسطورة فاوست الذي وقع الميثاق مع الشيطان بدمه مقابل تجاوز وضعه الإنساني.بينما اختار محمد الكغاط أسلوب استحضار الأرواح المندرج ضمن مايعرف بالظواهر الروحية المعروفة في الثقافة الشرقية والغربية.”
وهكذا، فقد وظف هؤلاء المسرحيون المغاربة الثلاثة السينوغرافيا الفانطاستيكية والواقعية السحرية،وذلك لإدانة الواقع الغريب، والثورة على واقع الإنسان بصفة عامة، والمثقف المقهور بصفة خاصة.

المبحث الثامن:السينوغرافيا الرمزيـــة.

قدمت فرقة المسرح الجديد بتونس مسرحية ” غسالة النوادر” ، وذلك بالاعتماد على السينوغرافيا الرمزية، ويعني هذا أن العلامات والأيقونات تتحول إلى علامات رمزية، وتتخطى المسرحية ديكورها الواقعي، لتحيل على عوالم رمزية غير مباشرة. ” وما يمكن تأكيده أن عناصر ديكور مسرحية” غسالة النوادر” مثلت علامات مليئة بالإيحاءات، إذ رأينا ركحا متحررا من ثوابته المرجعية ودلالاته الواقعية، إن المكان يقطع مع الهندسة على الطريقة الإيطالية، ومع الابتعاد الجسدي عن الفعل المسرحي، وذلك بتقريب المتفرج من الركح ومن لعب الممثلين. كما أن ثمن الدخول موحد فيمكننا الجلوس حيثما شئنا فتعرية المصابيح والغرفة وبلور التوظيب كل ذلك يساهم أيضا في نزع القداسة عن المسرح…
إن الاختيارات الجمالية لجماعة المسرح الجديد سارت على منهجية بريشت وتلامذته، فانعكست على تصميم الديكور الذي جاء مدروسا ومختارا اختيارا منهجيا. وبالتالي، فإن ديكور ” غسالة النوادر” قد أطرته المدرسة البريشتية ومؤثرات رجل المسرح البولوني غروتوفسكي.”
وهكذا، فمسرحية” غسالة النوادر” نموذج للمسرحية ذات الطابع السينوغرافي الرمزي، حيث تتحول الدوال فيها إلى علامات رمزية موحية حبلى بالمقصديات.

المبحث التاسع: السينوغرافيا التسجيلية أو الوثائقية.

قدم الطيب الصديقي مجموعة من المسرحيات التاريخية ذات الطابع السينوغرافي التوثيقي والتسجيلي، كما في مسرحيته:” معركة وادي المخازن”، ومسرحية:”المغرب واحد”، ومسرحية:” واقعة الزلاقة”، ومسرحية:”مولاي إسماعيل”…
ويعني هذا أن الطيب الصديقي يعرض فرجات مسرحية ضخمة ، وذلك في فضاءات جماهيرية مفتوحة، يراد بها تقديم أحداث تاريخية ، الغرض منها التوثيق والتسجيل والتأريخ، وربط الحاضر بالماضي، من أجل الاعتبار والاتعاظ، وتحقيق مجموعة من الوظائف الفنية والجمالية والدرامية.

المبحث العاشر: السينوغرافيا السينمائية

قدمت فرقة المسرح الجديد التونسية مجموعة من العروض المسرحية ذات الطابع السينوغرافي السينمائي، حيث التجأت ” إلى تقنيات السينما كما فعل مايرخولد وبريشت، وهي تقنيات تمثلت في العديد من المشاهد المؤطرة تأطيرا سينمائيا، وكان المخرج ينظر إلى إطار معين ذي حدود معينة يركز فيه على أبعاد وألوان، وأضواء وظلال يريد إبرازها للمشاهد.كل ذلك من خلال الملابس والألوان والأوضاع الجسدية الساكنة والبرودة في الأداء إبان أشد المواقف عاطفية وانفعالية، لقد احتوت أعمال كل من ميرخولد وبريخت على شاشات بيضاء أو ألواح خشبية بشكل دائم كأساس لخلفيات مجردة. وقد استخدمت هذه الشاشات إما لتأطير الصورة المسرحية أو للإسقاطات الفيلمية، إضافة للتغييرات السريعة للمشاهد واللوحات. وتباينت أشكالها الهندسية مع الأشياء المادية الواقعية والتي كانت توضع أمامها على الخشبة. لقد كان هذا المزيج من التجريد والواقعية معا عنصرا هاما بالنسبة لبريخت…”
وعليه، فالسينوغرافيا السينمائية هي التي تستند إلى توظيف التقنيات السينمائية أثناء عرض الفرجة المسرحية، والجمع بين الجانب الدرامي والجانب السينمائي.

المبحث الحادي عشر: السينوغــرافيا التراثيـــة.

يعد الطيب الصديقي من أهم المخرجين المغاربة الذين اشتغلوا في معظم مسرحياته على السينوغرافيا التراثية كينونة وهوية وتأسيسا وتأصيلا. ومن هنا، فالطيب الصديقي يعتبر حتى الآن :” أحد الباحثين العرب المرموقين في فن الخشبة، إذ اعتمد في بحثه المتواصل على الصيغ الأكثر إيجابية في تأصيل المسرح العربي، وتعميقه في جذور التراثين: الإسلامي والعربي، فبحثه المتعلق بالتراث، يعتبر خطوة متقدمة جدا في نقل هذا الأخير إلى الخشبة، وإحيائه مسرحيا، وعودة الروح إليه، بالوسائل الفنية والتقنية، الأكثر استعمالا في الدراما الحديثة.”
ويعني هذا أن الطيب الصديقي كان يوظف في مسرحياته التراثية الرقصات الشعبية، والألعاب الاحتفالية، والأمثال ، والأهازيج الموروثة، والأشعار العامية، والملحون، والزجل، والتاريخ، والحكاية، والقصة، والمقامة، والخرافة، والفرجات التراثية، كالبساط، وسيدي الكتفي، وسلطان الطلبة، واعبيدات الرما ، والخطاب الصوفي المناقبي، علاوة على توظيف المداحين والمنشدين.
وتتجلى هذه السينوغرافيا التراثية بكل وضوح وجلاء في الكثير من عروضه المسرحية المفيدة والممتعة ، كمسرحية:” سلطان الطلبة”، ومسرحية: ” ثورة الزنج”، ومسرحية:” مقامات بديع الزمان الهمذاني”، ومسرحية:” الإمتاع والمؤانسة”…
وينطبق هذا الحكم كذلك على مجموعة من المسرحيين المغاربيين، كعبد الكريم برشيد، وعز الدين المدني، والمنصف السويسي، والفاضل الجزيري، ومحمد مسكين، وعبد القادر علولة…

المبحث الثاني عشر: السينوغرافية الفقيـــرة.

تحيلنا السينوغرافيا الفقيرة على المسرح الفقير عند كروتوفسكي، حيث يعوض الديكور البصري والمؤثرات السمعية والتقنية داخل الفرجة المسرحية بقدرات الممثل الخارقة. ومن المسرحيات التي تمثلت السينوغرافيا الفقيرة، نذكر المسرحية المونودرامية التونسية:” البحث عن عائدة”، والتي أدت فيها جليلة بكار دورها بجودة وإتقان لانظير له. كما شغل الفاضل الجعايبي السينوغرافيا الفقيرة كثيرا في مسرحياته وفرجاته الميزانسينية، كما في مسرحية” عشاق المقهى المهجور”، ومسرحية”سهرة خاصة”…

المبحث الثالث عشر: السينوغرافيا الأسطورية.

تتسم مسرحية ” وتسقط أثينا” للمخرج عادل مشكور بالرمزية الأسطورية التي تدين قتل العقل، ومصادرة الحرية الإنسانية باسم التسلط والتجبر. ويعني هذا أن المسرحية على الرغم من كون أحداثها تجري في أثينا اليونانية إبان القرن الخامس قبل الميلاد، إلا أنها قريبة من واقعنا المعاصر. أي: إن الكاتب يسقط الماضي على الحاضر، فلا فرق بين الماضي والحاضر العربي في التنكيل بالعقل الإبداعي، ومصادرة الحريات الخاصة والعامة.
تظهر لنا المسرحية مجموعة من المشاهد الدرامية التراجيدية التي يعدم فيها سقراط وديكارت باعتبارهما رمزي الفلسفة و العقل والعقلانية والتنوير الفكري البشري، كما تعدم أنتـﮔون باعتبارها رمز التحدي والصمود والتشبث بالحرية، وذلك في مقابل سطوة كرييون، وجبروت الإله اليوناني الحاكم. ومن ثم، فالمسرحية تشتغل على ثلاث قصص درامية: قصة سقراط ،وقصة ديكارت، وقصة أنتيـﮔون.
ومن الناحية الفنية، فقد استندت المسرحية المعروضة إلى السينوغرافيا الأسطورية التي تتسم بالدقة التاريخية، وأصالة التوثيق، والبحث عن المعلومات التي لها علاقة وثيقة بأجواء اليونان. وقد أفرغت المسرحية في قالب أرسطي تراجيدي من خلال احترام الوحدات الثلاث، وتقسيم المسرحية إلى مجموعة من الفصول والمشاهد ، ومراعاة قوانين التراجيديا، وتوظيف الأزياء اليونانية، واستخدام تقنية الراويLe chœur، وتشغيل سينوغرافيا وظيفية أسطورية رمزية دالة، وتسخير موسيقا معبرة منسجمة مع نظرية التطهير الأرسطي، و قسوة التأثير، وإثارة الرعب والذعر في نفوس المشاهدين الراصدين. كما استعملت المسرحية كوريغرافيا يونانية رائعة، وموسيقا تتلون بتلون المشاهد صمتا وصخبا ، فضلا عن كون المؤثرات الضوئية لها حضور سيميولوجي دال ووظيفي داخل تقاطيع العرض الركحي. ويلاحظ أن المخرج لم يبق أسير التصور الأرسطي، بل انفتح على مسرح القسوة لدى أنطوان أرطو ومسرح بريخت، وذلك من خلال تكسير الجدار الرابع…
وخلاصة القول: إن مسرحية ” وتسقط أثينا” لمسرحية جادة بدوالها الرمزية، حاملة لأطروحة جريئة تتمثل في أن كل مصادرة للعقل والحرية تؤدي بالأمة إلى السقوط والزوال والهلاك. وأروع شيء في هذه المسرحية يكمن في جمال السينوغرافيا، ودقة التشخيص، وتآلف الإخراج هرمونيا مع باقي المكونات التقنية الأخرى. كما أن هذه المسرحية نموذج للمسرح التعليمي أو مسرح النخبة الذي يستوجب مشاهدا مثقفا راصدا مطلعا على الثقافة اليونانية، يستطيع تفكيك الدوال اللفظية وغير اللفظية، وذلك لتركيبها وإعادة بنائها من جديد.

المبحث الرابع عشر: السينوغرافيا الكروتيسكية.

تتبنى مسرحية” الممسوحون” للمخرج المغربي هشام معروف قالبا طبيعيا يذكرنا بمدرسة أندري أنطوان صاحب المسرح الحر الذي أعطى أهمية كبرى لعرض الحياة على خشبة الركح بعفوية طبيعية بدون تصنع أو تزييف. وهذا مانشاهده أيضا في مسرحية هشام معروف التي نقلت لنا الحياة المعاصرة بكل تناقضاتها ، وذلك من خلال تركيز درامي على أخوين يعيشان في قبو المطعم، لايعرفان من الدنيا سوى تقشير الخضر، وتحضير الوجبات الغذائية إلى الزبناء. ومن ثم، فهما يعيشان شذوذا سيكولوجيا واختلالا عضويا ونفسانيا وانفصالا عن المجتمع؛ وذلك بسبب الوحدة والعزلة والاغتراب. وبالتالي، لايملكان أدنى معرفة عن الواقع الخارجي، إلا من خلال ما يقدمه لهما النادل، وذلك انطلاقا من رؤيته الشبقية، وتصوره الوجودي إلى الكون والإنسان والحياة.
هذا، وقد حفز النادل المستهتر والممتسخ أخلاقيا الأخوين كليهما على الإقبال على نشوة الحياة، وذلك من أجل الاستمتاع بمتعها الإيروسية، فاستسلم الأخوان المتعطشان لجاذبية الحياة، وشركها الخادع، وبريقها الزائف بكل عفوية واندفاع شبقي بسبب الحرمان والكبت. وهكذا انجذبا عاطفيا وجنسيا نحو خليلة النادل ، فارتكبا جريمة سريالية ضد النادل وخليلته المومس عن وعي أو غير وعي، وذلك بسبب الغيرة والشذوذ والحرمان الجنسي . ومن هنا، يبدأ التحقيق البوليسي والاستنطاق القضائي من أجل الوصول إلى الحقيقة، وتفسير الجريمة المقنعة التي اتهم فيها الأخوان اللذان استسلما إلى إيقاع الهذيان، والاضطراب العضوي، والتشنج العضلي، والتداعي الحلمي والنفسي.
ويلاحظ أن خشبة المسرح تحوي مجموعة من الإكسسوارات التي تحيل على مفردات المطعم، وخطاطة المطبخ بشكل طبيعي وفوضوي، ليعبر المخرج ، وذلك عبر هذه الوسائط الرمزية والأيقونية، عن الطابع الواقعي للحياة المريرة التي كان يعيشها الأخوان في قبوهما المنعزل عضويا ونفسيا وذهنيا وحركيا.
هذا، ويتحول الحوار داخل العرض إلى إيماءات مبهمة وملتبسة، وحركات صارخة غير معقولة، ودوال غير مفهومة، تذكرنا بمسرح اللامعقول . كما أن اتجاه الحركات فوق الخشبة الركحية كان أفقيا وعموديا وجانبيا، في حين تنتقل الإضاءة المنعكسة علويا من إضاءة عامة إلى إضاءة مركزة.
هذا، ونلاحظ في المسرحية أيضا الخطاب الكروتيسكي ، وذلك من خلال التركيز على القبح الكوميدي، والتشويه الكاريكاتوري، والامتساخ البشري، واستعمال المتضادات المتناقضة والمتنافرة، والمبالغة في تصوير وحشية المشاهد ، والارتكان إلى فلسفة السخرية والرعب والخوف، كما نلتقط ذلك عبر ملامح التشخيص الإعاقي، ناهيك عن فوضوية الفضاء السينوغرافي، وتحرير الطاقة الخيالية والجنسية والليبدية. وبالتالي، فالكروتيسك ينسجم أيما انسجام مع المدرسة الطبيعية التي تنقل الحياة بكل تفاصيلها وجزئياتها إلى خشبة المسرح من أجل استجلاب سخرية المشاهد، وثورته على بؤس الحياة، وهشاشة الإنسان، وانفصام الشخصية البشرية، وانبطاحها أخلاقيا ووجوديا.
ولقد أحسن المخرج هشام معروف في تصوره الميزانسيني أثناء الاستفادة من المدرستين الطبيعية والمدرسة الكروتيسكية ، بيد أنه عندما أراد تكسير الطابوهات عن طريق تعرية الواقع، أسقط المسرحية في براثن الإباحية والإيحاء الإيروسي الشبقي.

المبحث الخامس عشر: السينوغرافيا الكوريغرافية .

عرض مسرح سيدي بلعباس بالجزائر ضمن المهرجان الوطني للمسرح المحترف بالجزائر العاصمة في دورته الخامسة في شهر ماي من سنة 2010م مسرحية ” شظايا نجمة ” ، وهي من تأليف كاتب ياسين، وإخراج حسان غسوس. فلقد اشتغل المخرج على السينوغرافيا الكوريغرافية، من خلال استعراض فرجة الأجساد والوجوه والمرايا، والتي كانت تنقر جميعها على إيقاع الموت والحياة، عبر توظيف أسطورة نجمة الدالة سيميائيا على الهوية والتضحية والجذور الوطنية. وتطرح المسرحية قضية شعب تحدى سلطة الموت والاجتثاث، ليدافع عن حقه في الوجود. لذا، يبعث بفعل الإرادة من العدم. وتحيلنا هذه السينوغرافيا الكوريغرافية على انشغال المخرج بمنهج كروتوفسكي في تكوين الممثل السامي، وتمثل منهج جاك ليكوك في تطويع الجسد الفيزيائي، والتأثر بماييرخولد في الاستفادة من الحركات البلاستيكية الآلية.
ويمكن أن نذكر في هذا الصدد مسرحية” عطيل” للمسرحي التونسي توفيق الجبالي، حيث شغل فيها الكوريغرافيا بشكل كبير، فوظف الجسد للتعبير عن قصة حب تطفح بالغيرة والحب والموت. وقد تتحول هذه الكوريغرافيا إلى لعبة جسدية جنسية، كما في مسرحية:” ضد مجهول” ، حيث نجد الممثلات يتعرين، وذلك للتعبير عن الإحساس بالظلم والقهر.

المبحث السادس عشر: السينوغرافيا المناقبية.

يوظف كل من الفاضل الجزيري كما في مسرحية” الحضرة”، والطيب الصديقي كما في مسرحيته” ديوان سيدي عبد الرحمن المجذوب”، وعبد الكريم برشيد كما في مسرحيته” الزاوية” ما يسمى بالسينوغرافية المناقبية ذات البعد الصوفي والروحاني، وذلك من خلال الانفتاح على الفضاءات الطرقية والزوايا والروابط والمواسم الدينية والإثنولوجية. ويعني هذا أن هؤلاء المسرحيين اشتغلوا على المقدس في تقديم فرجاتهم المسرحية التراثية الاحتفالية بشكل من الأشكال.

المبحث السابع عشر: السينوغرافيا التاريخية.

اشتغل المخرج المغربي الشاب محمد بوغلاد في مسرحيته:”بريتانيكوس” على مسرحية “بريتانيكوس BRITANNICUS ” للكاتب الفرنسي جان راسين(1639-1699م) التي ألفها سنة 1669م ، وأثارت آنئذ ضجة نقدية كبيرة أثناء عرضها بفرنسا، وخاصة من قبل الكاتب الدرامي المنافس لراسين ألا وهو المسرحي الفرنسي الكبير كورناي Corneille.
هذا، ونشيد أيما إشادة بقدرات عبد الله مويت، الذي استطاع أن يبدع سينوغرافيا تاريخية، تذكرنا بأصالة العمل المعروض، ومعايشته للفترة التاريخية المرصودة، وذلك عن طريق بناء أعمدة رومانية، واختيار كرسي عرش روماني، يحيلنا على عمل المخرج الألماني ساكس ميننجين الذي قدم مسرحية ” يوليوس قيصر”، وذلك اعتمادا على الخلفية التاريخية، والصدق الفني ، والمعايشة الحقيقية لأحداث التاريخ بدون زيف أو تمويه. وتتسم هذه السينوغرافيا الرائعة بخاصية التفكيك والتركيب والتحول، إلى جانب تركيبات فضائية أخرى، علاوة على الخاصية الوظيفية في الاستعمال وخدمة السياق الدرامي التراجيدي. وتعبر الملابس بصدق حقيقي عن الفترة الرومانية، وتنقل لنا الأحداث التاريخية بحيوية درامية، وترصد لنا أيضا مقومات الحضارة الرومانية، وثقافتها المعمارية، وعاداتها وتقاليدها رصدا مشابها صادقا، فحتى الموسيقى كانت وظيفية بطابعها الروماني والسامفوني والتراجيدي.
وقد استطاع المخرج أن يغير بعض أجواء هذه المسرحية التاريخية بحال من الأحوال ، لينقلنا إلى أجواء معاصرة ، وذلك عن طريق توظيف الموسيقى، والأغاني المغربية الأصيلة، وذلك لخلق جدلية الماضي والحاضر على غرار راسين في تعامله مع أحداث نيرون لدى الشاعر والمؤرخ الروماني تاسيت.

المبحث الثامن عشر: السينوغرافيا الوحشية.

قدم المخرج المغربي الشاب عيار منير عرضه المسرحي بعنوان:” رأس الخيط”، وهي تجسد ما يعانيه الإنسان من تناقضات جسيمة في مجتمعنا المعاصر من جراء هيمنة المادة على التفكير البشري، ناهيك عن سيطرة العقل وفكرة الإنتاجية والمردودية والربح على تصرفات الكائن الآدمي ، وتحوله من ذات إنسانية إلى ذات آلية مستلبة، تعيش تمزقا إشكاليا بين نفسها وبين الواقع الموضوعي. كما تعيش شخصيات المسرحية انفصاما كينونيا وتناقضا وجوديا وازدواجية سلوكية وصراعات داخلية تساهم في انبطاح الذات، وانهيارها فيزيزلوجيا وذهنيا ووجدانيا وسلوكيا.
هذا، وقد تناولت المسرحية موضوع القمع والرعب والقهر والطفولة المغتصبة والخيانة والعقوق، وتراجع دور الأسرة والمدرسة، مع التأكيد على تراجع القيم، وتفاقم ظاهرة صراع الأجيال في مجتمعنا المعاصر.
وتعمل المسرحية عبر خطها المتصل وحلقاتها المشهدية المتسلسلة على تحرير شخصياتها من العقد الموروثة والغرائز الشريرة عن طريق تطهيرها خوفا وشفقة، وتهذيب النفس الإنسانية عن طريق إزالة الحقد والشر والخوف، و إفراغ اللاوعي واللاشعور من براثن السوء والتاناتوس، مستشرفة مستقبل الصفاء والخير، وذلك من خلال تشغيل لغة الحلم والطفولة. وهنا، تتجلى فعلا بعض ملامح نظرية القسوة لدى أنطونان أرطو الذي يعتبر المسرح شفاء لمداواة النفوس، وعلاجها، وتطهيرها من عقدها ومكبوتاتها، وتخليصها من غرائزها الشريرة.
ومن المعروف أن أرطو قد أشرك الراصد في عملية التمسرح عن طريق إثارته واستفزازه بالعنف ، وتحريره من كوابيسه وغرائزه السلبية الدفينة في وعيه الباطني ولاشعوره الجمعي، وذلك عن طريق تطهيره روحانيا وطقسيا ودينيا، وذلك بواسطة حركات مسرحية إيقاعية قائمة على التموج والصرخات الصاخبة والحركات الطاعونية العنيفة ، وتشغيل إيقاع الاهتزاز وهرمونيا الانسجام الدرامي، مع تنغيم الإخراج تشخيصا وسينوغرافيا وتقبلا.
ولا يعني هذا أن المسرحية المعروضة تطبق مسرح القسوة بكل مقوماته الفنية والجمالية ومرتكزاته التفصيلية نظريا وتطبيقيا، بل نقول بكل صدق: إن المسرحية توحي ببعض الملامح النظرية التي تظهر عبر تضاريس العرض المسرحي.
ونلاحظ من حيث السينوغرافيا أن المخرج اشتغل على التشكيل الوحشي، وذلك من خلال استعمال صورة العنكبوت، وصورة الحبل، وصورة الأشباح التي تثير الخوف، وتستفز المتفرج المتلقي.
وحركيا، فقد اشتغل العرض المسرحي على الكريغرافيا البيوميكانيكية ، وكوريغرافيا الرعب والموت، والكوريغرافيا الشبحية التي تثير الخوف والتقزز والاشمئزاز، بالإضافة إلى توظيف الكوريغرافيا الصراعية بين الرجل والمرأة، و الكوريغرافيا الرومانسية لتجسيد مشاهد الحب والعشق، وكوريغرافيا القفز للتعبير عن التحرر والانتصار على الحقد والشر.
هذا، وتتجه الحركات الانتقالية فوق خشبة المسرح عموديا ووسطيا وأفقيا، في حين كانت حركات التشخيص جانبية وأمامية وخلفية وركنية، أما الأحداث المسرحية فكانت تجري في وسط المثلث الدرامي، باستثناء الراوي الذي كان يقدم الأحداث من زاوية الفوندو في اتجاه عمودي نحو الجمهور. هذا، وتتلون الإضاءة سيميائيا حسب المشاهد والصور الدرامية،وتنتقل من إضاءة تصويرية عامة إلى إضاءة مركزة، لتبئير الشخصيات والفضاء واللوحات الدرامية، وخاصة لوحات الصراع والانتقام.
وعلى مستوى المؤثرات الصوتية، كان هناك تنوع صوتي، كاستعمال الأغاني العربية الكلاسيكية، والأغاني الشعبية، والحضرة الصوفية، وأصوات الصراع والمبارزة القتالية.
وخلاصة القول: إن مسرحية:” رأس الخيط” على الرغم من بعض الهفوات الإخراجية والتقنية، فهو عرض درامي يتميز بالبحث والاجتهاد التجريبي ، وذلك لما التجأ المخرج إلى التشكيل الوحشي، وتشغيل قالب يوحي بملامح مسرح القسوة ، وذلك من خلال التركيز على تحرير الغرائز البشرية من شرورها وأحقادها.

المبحث التاسع عشر: السينوغرافيا السريالية.

قدم نادي المواهب للإشعاع المسرحي عن مدينة سمارة مسرحية”لعنة الكوابيس” من تأليف الشاهد العبودي، وإخراج نور الدين أبريك.
تعبر هذه المسرحية عن شاب يدافع عن كينونته الوجودية ووطنه وأمته العربية الإسلامية بكل تحد وصمود، لكن الكائنات الشبحية العدائية تطوقه من كل جانب، فتعكر عليه صفوة الحياة، ثم تفسد عليه سعادته الروحية ، ثم توسوس له بأفكار مدمرة، قد تودي به حتما إلى الفشل والتقاعس والانبطاح والاستسلام، كما تزعجه في تأملاته وأحلامه وآماله ، فتتركه عرضة لآلامه ووساوسه ولاوعيه الشقي.
لذا، يغيب الوعي التشخيصي لدى الشاب البروميثي تارة، ليحل محله الهذيان والجنون، ليعود مرة أخرى إلى بنية العقل والمنطق كي يواجه الأشباح بكل استماتة وصمود، فيبدأ الصراع الذاتي والنفسي مرة أخرى في قالب هستيري سريالي، يعبر عن صراع الواقع واللاواقع والوعي واللاوعي، إلى أن تنتصر إرادة التصدي والطموح على الشر الكروتيسكي العدائي.
ويتخذ العرض المسرحي طابعا منولوجيا، ينتقل من الميم إلى الحوار الذاتي الشاعري، ليفقد الحوار في الأخير نبرته الحلمية، ونغمته الانزياحية، ليصبح كلاما واقعيا مباشرا وسطحيا لا لذة فيه ولا رونق من حيث التقبل الجمالي والرصد الفني. ويعني هذا أن المسرحية بدأت بإيقاع شاعري رائع في بداية العرض، لتنتهي بمشاهد نثرية جافة مباشرة، يطغى عليها الخطاب السياسي المباشر، والنقد التوجيهي السطحي والتقريري.
هذا، وتستمد المسرحية سينوغرافيتها التشكيلية من فن البوب الذي يستخدم النفايات، والرقع الممزقة، والأشياء المستعملة في الحياة اليومية، ليصنع بها صورا تجمع بين تلقائية الحياة، والعنصر غير المتوقع الذي يدهش المشاهد، ويثير انتباهه. والمقصود بهذا الكلام أن السينوغراف قد غطى كل أرضية الخشبة مع ستائرها بأوراق ممزقة، حتى تحولت المنصة إلى فضاء أبيض تجريدي يرمز إلى الخير والأمل والتفاؤل .
وفي مقابل هذا الأبيض، نجد الشر الذي كان يتمظهر عبر الأزياء (جدلية البياض و السواد)، وحضور الأشباح السوداء التي كانت تتخذ طابعا كروتيسكيا تثير الخوف والقبح والرعب والاشمئزاز النفسي.
ومن حيث التصور الميزانسيني، فقد قسمت الخشبة إلى فضاء لعبي واسع في شكل مربع، حيث كان الممثلون يتجهون على مستوى التحريك عموديا وأفقيا وتقاطعيا ودائريا ، وذلك من خلال حركات تشخيصية جانبية وأمامية وخلفية وشبه دائرية سرعة وبطئا.
أضف إلى ذلك ، فقد استند العرض المسرحي إلى الكوريغرافيا الشبحية الكروتيسكية المرعبة ، وتشغيل المسرح الصامت (الميم)، والانتقال من الإضاءة العامة الشاملة إلى الإضاءة المركزة والتصويرية. ويلاحظ أن الديكور كان وظيفيا يعبر عن صراع سريالي تجريدي يتمثل في صراع الذات مع الأشباح والكوابيس الملعونة، و التي تريد أن تبعده عن تاريخه وحضارته، قصد القضاء على ذاكرته الموروثة، وتشتيت هويته الأصيلة، وبعثرتها حقدا وانتقاما.
المبحث العشرون: السينوغرافيا السيميائية.

كثير من المخرجين المغاربيين استعانوا بالسينوغرافيا الوظيفية أو المتعددة الوظائف، حيث يصبح الديكور في المسرحية علامة سيميائية متعددة الأبعاد والدلالات والمرجعيات حسب المقام والسياق والمقال. ومن بين المسرحيات ذات الطابع السيميائي، نستحضر المسرحية المغربية” بني قردون”، والتي قدمتها فرقة كومدراما للمسرح والثقافة بوجدة ، والمسرحية من إخراج: مصطفى برنوصي.
تضم الخشبة الركحية لهذا العرض المسرحي على مستوى التأثيث الأفقي الأرضي مجموعة من البراميل المتنوعة الأحجام، و التي لونت باللون الأسود، وذلك للإحالة على البترول، والثراء العربي، والتبرجز الفاحش. ولم تبق هذه البراميل صامتة، بل وظفت بشكل درامي لتجسيد المفارقة، والسخرية، والباروديا، والأسلبة الفضائية ، وذلك في علاقة مع باقي المكونات السينوغرافية الأخرى، فكان الممثلون يستعملونها لإلقاء الخطب السياسية المباشرة، وتقديم الخطابات المنودرامية الموجهة للجمهور من أجل توعية الراصدين، وتنوير المشاهدين قصد التعرف على مواقفهم تجاه القضية المعروضة عليهم، والتي تتعلق بالفساد السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي طال المجتمع العربي بصفة عامة والمجتمع المغربي بصفة خاصة. ومن هنا، نرى أن سينوغرافيا البراميل هي البطلة الحقيقية من الناحية الركحية، فهي التي تؤجج الأحداث، وتؤزم المتتاليات الدرامية، وتقدم مجموعة من الإحالات السيميائية الوظيفية التي تساهم في تشكيل صورة الإنسان العربي المثخن بجراحات الهزائم، وسلبيات التخلف والانهيار، وانحطاطه الحيواني بواسطة الامتساخ والتحول إلى حيوان گروتيسكيGrotesque بذيء ، وذلك بفعل تناقضات مواقفه، وانحطاط قيمه المهترئة، واستسلامه للترف والليالي الملاح، والسعي وراء الفساد بكل تجلياته. وفي نفس الوقت، نستحضر عبر السياق المرجعي، وعبر مفهوم المخالفة، العدو الغاشم الذي يتحين الفرص للإيقاع بالإنسان العربي الخامل المترف، وذلك من خلال إظهار قوته الجبارة التي يستخدمها ضد الإنسان العربي للضغط عليه سياسيا، وابتزازه ماليا واقتصاديا، والسعي الحثيث لاستغلال ثرواته وخيراته، بل وتهديده عسكريا عن طريق إغراقه في عدة نكبات ونكسات وهزائم متكررة.

المبحث الواحد والعشرون: السينوغرافيا الميتامسرحية.

تستند المسرحية المغربية ” الكواليس”، و التي ألفها وأخرجها نور الدين فرينع، إلى نظرية المسرح داخل المسرح ؛ لأن المخرج يحاول أن يمثل الواقع دراميا، وذلك عبر تشخيص ما يجري في العالم من صراعات وتطاحنات ، وما يتركه الإرهاب العالمي من خراب ودمار وقتل للأبرياء والأرواح الآدمية ، وما تسفكه إسرائيل والدول المتغطرسة من دماء الأطفال بدون سند شرعي أو ضمير إنساني رادع.
وتذكرنا هذه المسرحية بمسرحية الكاتب الإيطالي لويجي بيراندللو”ست شخصيات تبحث عن مؤلف” ، بينما نجد في هذا العرض شخصيتين تبحثان عن مخرج، ومن خلال هذا المنظور يتداخل الواقع مع الفن، والموضوع مع الخيال. ويعني هذا أن المسرحية تحول الأحداث الواقعية إلى مشاهد تمثيلية، والمشاهد المسرحية تبدو أحداثا واقعية. ومن هنا، نلاحظ أيضا عملية التوازي في تفكيك العرض إلى بنيتين متماثلتين: بنية الواقع الذي يثور فيه الفنان على المخرج، وذلك لما يعانيه من استغلال واستلاب واستعباد، وتنفيذ فقط ما يقره المخرج، ويستوجبه، وبنية الواقع الدموي الذي يتصارع فيه البشر على أتفه الأسباب ، لذلك تكثر فيه الحروب والإحن والأحقاد.
وتهدف المسرحية إلى تجاوز نظرية التطهير الأرسطية نحو نظرية بريخت الداعية إلى التغريب، وتعرية لعبة المسرح، وفضح زيف الأدوار المتقمصة . أي: إن الممثل يكشف للجمهور أسرار اللعبة، ويرفض الاندماج مع دوره، ويفضح كل ما يتعلق بفعل التمثيل. وهنا، يحضر بريخت الذي يرفض فكرة الاندماج، ويدعو إلى إبعاد الممثل عن دوره الذي يؤديه، وعدم الانصهار فيه تقمصا ومعايشة. كما يقوم العرض المسرحي على تكسير الجدار الرابع، وتحقيق الانسجام المتكامل والمتراكب فنيا، وتوظيف السينوغرافيا بطريقة رائعة تعتمد على التفكيك والمونتاج والتآلف بين الأضواء والموسيقى واستغلال الجسد أحسن استغلال إستيتيقي.
ومن أهم المسرحيات الأخرى التي تحمل في طياتها سينوغرافيا ميتامسرحية نذكر مسرحية عبد المجيد فنيش:” كواليس فرقة شهرزاد”، وقد ساهم فيها تأليفا وإخراجا وتشخيصا. وقد سافر بها إلى الجزائر للمشاركة في المهرجان الوطني للمسرح المحترف المنعقد بالعاصمة ما بين 24 ماي و07 يونيو من سنة 2010م . وقد نالت المسرحية إعجابا كبيرا من قبل الحاضرين إلى قصر الثقافة تنويها وإشادة وتصفيقا ونقدا.
هذا، وتندرج المسرحية ضمن ما يسمى بالمرتجلات أو الميتامسرح، كما تمتح المسرحية أيضا من مقومات الاحتفالية عند عبد الكريم برشيد، كما يتجلى ذلك واضحا في البعد الواقعي للمسرحية، واللجوء إلى الفرجة التراثية ، وذلك باستعمال الحكواتي والراوي والبساط والملحون، وتكسير الشخصية، واستعمال الأزياء التراثية، وتوظيف الحكاية.
وتتسم المسرحية كذلك بالشعبية والحيوية، والاعتماد على عنصر الاحتفال، والالتحام مع الجمهور إمتاعا وإفادة. ومن ثم، فقد استعمل عبد المجيد فنيش الأسلوب الاحتفالي في تقديم الفرجة المسرحية في لوحات احتفالية تراثية ممتعة ومسلية.
أما عن الرؤية الفنية والجمالية على مستوى الإخراج والتشخيص، فقد اعتمد المخرج عبد المجيد فنيش على الإخراج البريختي ، وذلك بتكسير الجدار الرابع، وتقسيم المسرحية إلى مجموعة من اللوحات السردية المستقلة، والالتجاء إلى تقنية التغريب والإبعاد واللااندماج على مستوى التمثيل والتشخيص والأداء.
هذا، وتحمل السينوغرافيا المسرحية علامات وأيقونات وإشارات مرجعية تراثية سيميائية تحيلنا على التاريخ والذاكرة المغربية الموروثة. ومن ثم، نلاحظ أن المخرج عبد المجيد فنيش قد زاوج بين الأصالة والمعاصرة ، وذلك عبر تناول قضايا يومية محلية واقعية معاصرة في قالب تراثي عربي أصيل.

المبحث الثاني والعشرون: السينوغرافيا التشكيلية

قدم المسرحي التونسي الحبيب شبيل مجموعة من العروض المسرحية ذات السينوغرافيا التشكيلية ، وذلك مع جمعيته المسرحية المثلث، ويعني هذا أن عروضه المسرحية تعتمد على مسرح الصورة ، وتشكيل اللوحات الفنية والجمالية، باعتماد الظلال والألوان والأشكال. ومن أهم هذه العروض المسرحية، نذكر: مسرحية” موال”، ومسرحية” كرنفال”، ومسرحية” سنفونية الحجارة”. وتتحول الفرجة في هذه المسرحيات إلى علامات سيميائية وصور أيقونية مرئية وبصرية، قائمة على استثمار البعد التشكيلي ومسرح الصورة.

استنتـــاج:

هذه هي أهم الأشكال السينوغرافيا الفضائية التي تم استعمالها وتشغيلها في المسرح المغاربي، بل يمكن القول : إن ثمة سينوغرافيات أخرى عديدة، لم نتطرق إليها، وسنخصص لها في المستقبل بحثا آخر إن شاء الله. وتترجم لنا هذه السينوغرافيات في عمومها مدى تأرجح المسرح المغاربي بين ثنائية الأصالة والمعاصرة، وثنائية التجريب والتأصيل، وثنائية الحداثة والتراث.

الهــــوامش:

– د. محمد عبازه: تطور الفعل المسرحي بتونس من اللامركزية إلى التجريب، مركز النشر الجامعي، دار سحر للنشر، تونس، الطبعة الأولى سنة 2009م، ص:394؛
2- د.عبد المجيد شكير: (الاهتمام الجمالي في المسرح المغربي: بعض جماليات تاثيث الفضاء المسرحي)، مجلة دراسات وأبحاث في المسرح وفنون العرض، القنيطرة، المغرب، العدد الأول، سنة 2009م، ص:84-85؛
3 – الطيب الصديقي: السحور عند اليهود والنصاري والمسلمين، بساط ترفيهي، الطبعة الأولى، سنة 2000م، البوكيلي للطباعة والنشر والتوزيع؛
4 – عبد الكريم برشيد:( فاوست والأميرة الصلعاء)، مجلة الأقلام العراقية، العدد السادس، السنة الخامسة عشرة، 1980م؛
5 – محمد الكغاط: مرتجلة” شميشاللا”، الطبعة الأولى ماي 2003م، منشورات جمعية محمد الكغاط لهواة المسرح الوطني بفاس؛
6 – د.عبد الفتاح الشادلي، العجيب السحري في المسرح المغربي، مطبعة إنفوبرانت، فاس، الطبعة الأولى سنة 2009م، ص:53؛
7 – د. محمد عبازه: نفس المرجع، ص:233؛
8 – د. محمد عبازه: نفس المرجع، ص:224-225؛
9- محمد أديب السلاوي: المسرح المغربي: البداية والامتداد، دار وليلي للطبع والنشر، مراكش، الطبعة الأولى سنة 1996م، ص:89؛
10 – انظر : إقبال نعيم: الجروتسك في العروض المسرحية، دائرة الثقافة والإعلام، حكومة الشارقة، الطبعة الأولى سنة 2005م، الإمارات العربية المتحدة؛صص:57-59.
***

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق